خطبة الجمعة القادمة بعنوان : فضل إغاثة المكروبين ، للدكتور محمد حرز
خطبة الجمعة القادمة بعنوان : فضل إغاثة المكروبين ، للدكتور محمد حرز ، بتاريخ 28 ربيع الأول 1445هـ ، الموافق 13 أكتوبر 2023م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 13 أكتوبر 2023م بصيغة word بعنوان : فضل إغاثة المكروبين ، للدكتور محمد حرز.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 13 أكتوبر 2023م بصيغة pdf بعنوان : فضل إغاثة المكروبين ، للدكتور محمد حرز.
عناصر خطبة الجمعة القادمة 13 أكتوبر 2023م بعنوان : فضل إغاثة المكروبين .
أولًا: إغاثةُ المكروبين خلقٌ عظيمٌ مِن أخلاقِ الدينِ.
ثانيـــًـا: فضائلُ إغاثةِ المكروبين .
ثالثًا وأخيرًا: هكذا تكونُ إغاثةُ المكروبين!!
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 13 أكتوبر 2023م بعنوان : فضل إغاثة المكروبين : كما يلي:
فضلُ إغاثةِ المكروبين للدكتور محمد حرز
28 ربيع الأول 1445هـ الموافق 13 أكتوبر 2023م
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين.. واهبِ النعمِ والعطاياتِ، أمرنَا بفعلِ الخيراتِ، وتركِ المنكراتِ وحثَّنَا على المسارعةِ إلى الطاعاتِ والقرباتِ، وتفريج الكروبات وإغاثة الملهوفين، الحمدُ للهِ القائلِ في محكمِ التنزيلِ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ الحج: 77)،وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه، وَأشهدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ القائلُ كمَا في سننِ ابنِ ماجةَ عنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: إِنَّ هَذَا الْخَيْرَ خَزَائِنُ وَلِتِلْكَ الْخَزَائِنِ مَفَاتِيحُ فَطُوبَى لِعَبْدٍ جَعَلَهُ اللَّهُ مِفْتَاحًا لِلْخَيْرِ مِغْلاَقًا لِلشَّرِّ وَوَيْلٌ لِعَبْدٍ جَعَلَهُ اللَّهُ مِفْتَاحًا لِلشَّرِّ مِغْلاَقًا لِلْخَيْر) فاللهُمّ صلّ وسلم وزدْ وباركْ على المختارِ وعلى آلهِ وصحبهِ وسلم تسليمًا كثيرًا إلي يومِ الدينِ. أما بعدُ …..فأوصيكُم ونفسي أيها الأخيارُ بتقوى العزيزِ الغفارِ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) (آل عمران :102)
عبادَ اللهِ : ( فضلُ إغاثةِ المكروبين ) عنوانُ وزارتِنا وعنوانُ خطبتِنا
عناصرُ اللقاء:
أولًا: إغاثةُ المكروبين خلقٌ عظيمٌ مِن أخلاقِ الدينِ.
ثانيـــًـا: فضائلُ إغاثةِ المكروبين .
ثالثًا وأخيرًا: هكذا تكونُ إغاثةُ المكروبين!!
أيُّها السادةُ : ما أحوجَنا في هذه الدقائقِ المعدودةِ إلي أنْ يكونَ حديثُنَا عن فضلِ إغاثةِ المكروبين، وخاصةً والعالمُ يعيشُ الآن أزماتٍ متلاحقةً هنا وهناك مِن زلزالٍ بالمغربِ مدمرٍ وفيضاناتٍ وأمواجِ دَرنَه العاتيةِ وأمراضٍ وأوبئةٍ وحروبٍ وشائعاتٍ تعصفُ بالعالمِ عصفًا، ولا حولَ ولا قوةَ إلّا باللهِ، وخاصةً ورأينَا موقفَ مصرنَا المشرفَ تجاهَ إخوانِنَا بدرنَه، فهو موقفٌ مشرفٌ للجميعِ وليس ذلك بجديدٍ على مصرَ الكنانةِ حفظهَا اللهُ ورعاهَا، وخاصةً وأنّ جارِي وجارَك قد يمرُّ بأزمةٍ ويعيشُ في كربةٍ وأنت لا تدري وأنت لا تشعرُ بأزماتِه ولا بنكباتِه بل ربَّمَا تعرفُهَا وتتجاهلُ وكأنّكَ لم تسمعْ بها ولم ترهَا بعينِكَ مع أنَّ النبيَّ ﷺ قال: ( وَخَيْرُ الجِيرَانِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِجَارِه)، مع أنَّ مَن فرّجَ عن مسلمٍ كربةً فرّجَ اللهُ عنه كرباتِ يومِ القيامةِ، وخاصةً وإغاثةُ المكروبين عبادةٌ مِن أعظمِ العباداتِ التي تنفعُ الإنسانَ قبلَ أنَ تنفعَ غيرَهُ، فمَن سارَ في قضاءِ حوائجِ الناسِ قضَى اللهُ عزَّ وجلَّ حوائجَهُ، وخاصةً وأنَّ خدمةَ الناسِ ومسايرةَ المستضعفين وقضاءَ حوائجِهِم وإغاثةَ المكروبين دليلٌ على طيبِ المنبتِ، ونقاءِ الأصلِ، وصفاءِ القلبِ، وحسنِ السريرةِ، وربُّنَا يرحمُ مِن عبادِهِ الرحماءَ.. جعلنَا اللهُ وإياكُم منهم بمنِّه وجودِه وكرمِه، وللهِ درُّ الشافعِي حين قال
وأفضلُ الناسِ ما بينَ الورَى رجلٌ *** تُقضَى على يدهِ للناسِ حاجاتُ
لا تمنعنَّ يدَ المعروفِ عن أحدٍ *** ما دمتَ مقتدرًا فالعيشُ جناتُ
قد ماتَ قومٌ وما ماتتْ مكارمُهُم*** وعاشَ قومٌ وهُم في الناسِ أمواتُ
العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : فضل إغاثة المكروبين
أولًا: إغاثةُ المكروبين خلقٌ عظيمٌ مِن أخلاقِ الدينِ.
أيُّها السادة: إنَّ إغاثةَ المكروبين وإعانةَ أهلِ الحاجاتِ سلوكٌ إسلاميٌّ أصيلٌ، وخلقٌ نبويٌّ قويمٌ، تقتضيهِ الأخوةُ الصادقةُ، وتدفعُ إليه المروءةُ والشهامةُ ومكارمُ الأخلاقِ، وإغاثةُ المكروبينَ خلقٌ مِن الأخلاقِ الإسلاميةِ العاليةِ الرفيعةِ التي ندبَ إليهَا الإسلامُ وحثَّ المسلمينَ عليهَا بالليلِ والنهارِ، وجعلَهَا مِن بابِ التعاونِ على البرِّ والتقوَى الذي أمرَنَا اللهُ تعالَى بهِ فقالَ في محكمِ تنزيلِهِ: (( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)) سورة المائدة 2، وإغاثةُ المكروبين مِن أسمَى الغاياتِ، وأنبلِ المقاصدِ بها تسمُو إنسانيتُهُ، ويتشبَّهُ بالملائكةِ، ويتخلقُ بأخلاقِ الأنبياءِ والصديقين… فكم تنشرحُ النفسُ وتقرُّ العينُ حينما تسعَى في قضاءِ حوائجِ الناسِ وكيف لا؟ وإغاثة المكروبين والملهوفين مقصدٌ شرعيٌّ، ومطلبٌ إنسانيٌّ، وسببُ مِن أسبابِ القربِ مِن اللهِ جل وعلا، وسببٌ لتحصيلِ الأجورِ ونيلِ الدرجاتِ، وانشراحِ الصدورِ وسعتِهَا، ودفعِ الهمومِ والأحزانِ لذا أوصَى الإسلامُ الحنيفُ الإنسانَ أنْ يفعلَ الخيرَ مع الناسِ، بغضِّ النظرِ عن معتقداتِهِم وأعراقِهِم، فقالَ جلَّ وعلا ﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾البقرة: وكيف لا؟ ومِن فضلِ اللهِ علينَا وكرمِهِ وجودهِ أنْ فتحَ لنَا كثيرًا مِن أبوابِ الخيراتِ، وحثّنَا على الـمسارعةِ إلى الخيراتِ وتركِ المنكراتِ، والتسابُقِ إليها في كلِّ وقتٍ وحينٍ، لِـمَـا في ذلك مِن جلبِ الحسناتِ، ورفعٍ للدرجاتِ، ومـحوٍ للسيئاتِ، وانشراحٍ للصدورِ، ودفعٍ للهمومِ والأحزانِ قالَ جلَّ وعلا: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾الحج: 77 ، وإغاثةُ المكروبين خلقٌ عظيمٌ مِن أخلاقِ الدينِ، ومبدأٌ كريمٌ مِن مبادئِ الإسلامِ، وشيمةُ الأبرارِ المحسنين مِن الناس، وصفةٌ مِن صفاتِ المؤمنين، وهي عبادةٌ جليلةٌ، أمرَ بهَا الدينُ، وتخلَّقَ بها سيدُ المرسلين ﷺ، تدلُّ على سمو النفسِ وعظمةِ القلبِ وسلامةِ الصدرِ ورجاحةِ العقلِ ووعيِ الروحِ ونبلِ الإنسانيةِ وأصالةِ المعدنِ وكيف لا؟ والسعيدُ أيُّها السادةُ هو مَن سخرَهُ اللهُ جلَّ وعلا لقضاءِ حوائجِ الناسِ وكشفِ كروباتِهم وإغاثتِهم مِن النكباتِ والأزماتِ اللهُ أكبرُ، فعَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: إِنَّ لِلَّهِ أَقْوَامًا اخْتَصَّهُمْ بِالنِّعَمِ لِمَنَافِعِ الْعِبَادِ، وَيُقِرُّهَا فِيهِمْ مَا بَذَلُوهَا، فَإِذَا مَنَعُوهَا نَزَعَهَا عَنْهُمْ وَحَوَّلَهَا إِلَى غَيْرِهِمْ))أخرجه الطبراني ،(إغاثةُ المكروبين عملٌ عظيمٌ مِن أعمالِ الخيرِ في الإسلامِ التي يتنافسُ فيها المتنافسون، ويتسابقُ فيه المتسابقون وقد عُرِفَ النبيُّ ﷺ قبلَ بعثتِه بمكارمِ الأخلاقِ، ومِن بينهَا إغاثةُ المكروبين، وتقديمُ العونِ والمساعدةِ لِمَن يحتاجُ إليهَا، فعندما رَجَعَ النَّبيُّ ﷺ وَقَد أُوحِيَ إليه أَوَّل مَرَّةٍ، وَرَجَعَ يقولُ: «زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي»، قالَ: «إنِّي أَخْشَى أنْ يَكُونَ قَد أَصَابَنِي شَيءٌ». قالت خديجةُ –رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-: «لا واللهِ، لا يُصِيبُكَ شَرٌّ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ، واللهِ لا يُخْزِيكَ اللهُ أَبَدًا». فكان النبيُّ ﷺ هو القدوةُ والمثَلُ في كلِّ أمرٍ، وفي أمرِ إغاثةِ الملهوفين، ونجدةِ المكروبين، فعَنْ أنسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَحْسَنَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَشْجَعَ النَّاسِ، وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَانْطَلَقَ نَاسٌ قِبَلَ الصَّوْتِ، فَتَلَقَّاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَاجِعًا وَقَدْ سَبَقَهُمْ إِلَى الصَّوْتِ وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ فِي عُنُقِهِ السَّيْفُ، وَهُوَ يَقُولُ: “لَمْ تُرَاعُوا لَمْ تُرَاعُوا)، وإغاثةُ المكروبين فيها جبرٌ للخواطرِ، ومَن جبرَ خواطرَ الناسِ جبرَ اللهُ خواطرَه، ومَن سارَ بينَ الناسِ جابرًا للخواطرِ أدركَهُ اللهُ في جوفِ المخاطرِ، كما جاء في حديثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضى اللهُ عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (أَيُّمَا مُؤْمِنٍ أَطْعَمَ مُؤْمِنًا عَلَى جُوعٍ أَطْعَمَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ، وَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ سَقَى مُؤْمِنًا عَلَى ظَمَـأ سَقَاهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ الرَّحِيقِ الْمَخْتُومِ، وَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ كَسَا مُؤْمِنًا عَلَى عُرْيٍ كَسَاهُ اللَّهُ مِنْ خُضْرِ الْجَنَّةِ(( رواه الترمذي ،و عَنِ ابْنِ عُمَرَ – رضي الله عنهما -، أَنَّ رَجُلا جَاءَ إِلَى النَبيِّ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ وَأَيُّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْناً، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعاً، وَلأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخي فِي حَاجَةٍ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ، يَعْنِي مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ، شَهْراً، وَمَنْ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ، وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ، مَلأَ اللَّهُ قَلْبَهُ رَجاءً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى يَتَهَيَّأَ لهُ، أَثْبَتَ اللَّهُ قَدَمَيْهِ يَوْمَ تَزُولُ ىالأَقْدَامُ)) رواه الطبراني في الأوسط. )، وعن زيْدِ بن ثابتٍ -رضي اللهُ عنه-، عن رسولِ اللهِ ﷺ قال: «لا يزالُ اللهُ في حاجةِ العبدِ ما دامَ في حاجةِ أخيه (، ففي زمنِ الشدةِ والعسرِ نحن أحوجُ ما نكونُ إلى بذلِ المعروفِ وغوثِ الملهوفِ، فمَن كان مستطيعًا لبذلِ المالِ غوثًا للملهوفِ فليفعلْ، ومَن لم يستطعْ فقد ذكرَ رسولُ اللهِ ﷺ خصالًا تقومُ مقامَ بذلِ المالِ لمَن كان معدمًا، ففي صحيح مسلم عن أبي موسى الأشعري، عن النبيِّ ﷺ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ». قِيلَ: أَرَأيْتَ إِنْ لَمْ يَجِدْ؟ قَالَ: «يَعْتَمِلُ بِيَدَهِ فَيَنْفَعُ نَفْسَهُ وَيَتَصَدَّقُ» قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ؟ قَالَ: «يُعِينُ ذَا الْحَاجَةِ الْمَلْهُوفَ». قَالَ: قِيلَ لَهُ: أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ؟ قَالَ: «يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ أَوْ الخَيْرِ». قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ يَفْعَلْ؟ قَالَ: «يُمْسِكُ عَنِ الشَّرِّ فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ». وللهِ درُّ القائلِ:
أحسنْ إلى الناسِ تستعبدْ قلوبَهُم * * * فطالمَا استعبدَ الإنسانَ إحسانُ
وكُنْ على الدّهرِ مِعْوَانًا لذي أملٍ * * * يرجُو نَداكَ فإنّ الحُرَّ مِعْوانُ
واشْدُدْ يديكَ بحبلِ اللهِ معتصمًا * * * فأنّه الرّكنُ إنْ خانَتْكَ أركانُ
مَن كان للخيرِ منّاعًا فليسَ لهُ * * * على الحقيقةِ إخوانٌ وأخْدانُ
مَن جادَ بالمالِ مالَ النّاسُ قاطبةً * * * إليهِ والمالُ للإنسانِ فتّانُ
العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : فضل إغاثة المكروبين
ثانيـــًـا: فضائلُ إغاثةِ المكروبين.
أيُّها السادة: فضلُ إغاثةِ المكروبين كثيرةٌ وعديدةٌ لا يتسعُ الوقتُ لذكرِهَا منها على سبيلِ المثالِ لا الحصر: أنَّ إغاثةَ المكروبين مِن وسائلِ وَحدةِ المجتمعِ التي حثّنَا عليها الإسلامُ ونبيُّ الإسلامِ ﷺ، روى الشيخان عن أبي موسى رضي اللهُ عنه عن النبيِّ ﷺ قال: ((إنَّ المُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا. وشَبَّكَ أصَابِعَهُ.))؛ (البخاري))، وصدقَ النبيُّ ﷺ إذ يقولُ كما في صحيحِ مسلمٍ مِن حديثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى)
ومِن فضلِ إغاثةِ المكروبين محبةُ اللهِ تعالى لك: أخرجَ الطبرانيُّ في مكارمِ الأخلاقِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ إِغَاثَةَ اللَّهْفَانِ»، فإذا كان اللهُ تعالى يحبُّ هذا العملَ فإنّه يحبُّ فاعلَهُ.
ومِن فضلِ إغاثةِ المكروبين: الأجورُ الكبيرةُ: فعن أنسِ بنِ مالكٍ رضي اللهُ عنه: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ أَغَاثَ مَلْهُوفًا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ ثَلَاثًا وَسَبْعِينَ حَسَنَةً، وَاحِدَةٌ مِنْهَا يُصْلِحُ اللَّهُ بِهَا آخِرَتَهُ وَدُنْيَاهُ، وَالْبَاقِي فِي الدَّرَجَاتِ» [أخرجه الطبراني في مكارم الأخلاق].
ومِن فضلِ إغاثةِ المكروبين: أنْ يُؤجرَ كأجرِ المجاهدِ في سبيلِ اللهِ، فعن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «السَّاعِي عَلَى الْأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» وعَنه رضي الله عنه: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «السَّاعِي عَلَى الْأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ كَالَّذِي يَقُومُ اللَّيْلَ، وَيَصُومُ النَّهَارَ» [البخاري].
ومِن فضلِ إغاثةِ المكروبين: صحبةُ النبيِّ ﷺ في الجنةِ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «خَيْرُ بَيْتٍ فِي الْمُسْلِمِينَ بَيْتٌ فِيهِ يَتِيمٌ يُحْسَنُ إِلَيْهِ، وَشَرُّ بَيْتٍ فِي الْمُسْلِمِينَ بَيْتٌ فِيهِ يَتِيمٌ يُسَاءُ إِلَيْهِ»، ثُمَّ قَالَ بِإِصْبَعَيْهِ: «أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ كَهَاتَيْنِ وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا» [ابن ماجه]
ومِن فضلِ إغاثةِ المكروبين: تنفيسُ الكربِ وتيسيرِ الأمرِ، فعَنْ أَبِي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ : « مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمَاً سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ ، » . أخرجه مسلم وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن رسول الله: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ تُنَفَّسَ كُرْبَتُهُ، وَأَنْ تُسْتَجَابَ دَعْوَتُهُ، فَلْيُيَسِّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، أَوْ لِيَضَعَ لَهُ، فإنَّ اللهَ يُحِبُّ إِغَاثَةَ اللَّهْفَانِ» قال جعفرُ: قيلَ لهشامٍ: ما اللَّهفانُ؟ قال: هو -واللهِ- المكروبُ.
وعَنْ ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: « المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ ، لا يَظْلِمُهُ وَلا يَسْلِمُهُ . مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمَاً سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ » .متفق عليه وللهِ درُّ القائلِ :
إنَّ الرجـالَ وإنْ قـلًّـتْ ، مَعَادنـهَا ذَهَبًـا ***عنـدَ الشدائدِ تطلبهَا في الحالِ تلقـاهَـا
تحـمـلُ إليـكَ الخـيـرَ أينمَـا رحـلـتْ ***وتـذودُ عنكَ صِعابًا كنـتَ تخشاهـَا
وإغاثةُ الملهوفِ مِن واجباتِ الإيمانِ أيُّها الأخيار، وضروراتِ الإحسانِ، وعلاماتِ المدنيةِ والعمرانٍ. واذكرُوا أنَّ اللهَ تعالى أدخلَ الجنةَ بغيةً أغاثتْ لهفةَ كلبٍ رأتهُ يلهثُ مٍن العطشِ فقالت: مسكينُ هذا الكلب، أصابَهُ مثلُ الذي أصابنِي فنزلتْ البئرَ فشربتْ منها ونزعتْ أحدَ خفيهَا فملأتْهُ ماءً وسقتْهُ، فشكرَ اللهُ لهَا فأدخلهَا الجنةَ… فكيف بمَن يغيثُ إنسانًا…!.وللهِ درُّ القائلِ :
إذا كانتْ الرحمةُ بالكلابِ *** تغفرُ الخطايَا للبغَايا
فكيف تصنعُ الرحمةُ *** بمَن وحدَ ربَّ البرايَا
أقولُ قولِي هذا واستغفرُ اللهَ العظيمَ لِي ولكُم
الخطبةُ الثانيةُ الحمدُ للهِ ولا حمدَ إلَّا لهُ وبسمِ اللهِ ولا يستعانُ إلَّا بهِ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُه وَرَسُولُهُ ……..وبعدُ
العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : فضل إغاثة المكروبين
ثالثًا وأخيرًا: هكذا تكونُ إغاثةُ الملهوفِ !!
أخي المسلم : فلتعلمْ أنَّ أرفعَ الناسِ درجةً في إغاثةِ المحتاجين، هو : مَن تفقدَ أخاهُ المحتاج قبلَ أنَ يأتيَهُ فيسألَهَ، فعلى المسلمِ أنْ يتفقدَ حالَ إخوانِه وجيرانِه، ولا يكونُ مثلَ ذلك الغافل، الذي باتَ شبعانَ وجارُهُ جائعٌ !بل إنَّ المسلمَ الصادقَ يتفقدُ حالَ إخوانِه المسلمين أينمَا كانوا، فيتألمُ لألمِهم.. ويحزنُ لحزنِهم.. فتجدهُ مسارعًا إلى إعانتِهم.. وتفريجِ كرباتِهم.. وتأملْ في هذه القصةِ، والتي تخبرُكَ عن همةِ الصادقين في إغاثةِ الملهوفين..أتَى رجلٌ صديقًا له فدقَّ عليه البابَ، فخرجَ الصديقُ، وقال له: ما جاءَ بك ؟ قال: علي أربعمائةِ درهمٍ دين، فوزنَ له صديقُه أربعمائةَ درهمٍ، وأعطاهُ إياهَا، ثم عادَ وهو يبكي ! فقالتْ له امرأتُه : لِمَ أعطيتَهُ إذ شقَّ عليك ؟!
فقال: إنَّما أبكِي لأنِّي لم أتفقدْ حالَهُ حتى احتاجَ إلى مفاتحتِي !!فأين أنت أخِي مِن هذه الأخلاقِ الساميةِ ؟!
فكم في مجتمعِنَا مِن أولئك المحتاجين الذين لا يسألونَ الناسَ، ولا يمدونَ أيديَهُم؛ عفةً.. وحياءً.. فحريٌّ بأمثالِ هؤلاء أنْ يتفقدَهُم الناسُ.. ويكفونَهُم ذلَّ السؤالِ..
وما أحسنَ ما قالَهُ معمرٌ رحمه الله : (مِن أقبحِ المعروفِ أنْ تحوجَ السائلَ إلى أنْ يسألَ وهو خجلْ منك، فلا يجئُ معروفُكَ قدرَ ما قاسَى مِن الحياءِ، وكان الأولَى أ تتفقدَ حالَ أخيكَ وترسلَ إليهِ ما يحتاجُ ولا تحوجهُ إلى السؤالِ.
ثم أخي هل تعلمْ أنَّ مِن عبادِ اللهِ مَن حُبِبَ إليهِ تفريجُ الكرباتِ، حتى يرى أنَّ مَن سألَهُ حاجةً، فكأنّمَا هو المحسنُ إليهِ؛ لأنَّ صاحبَ الحاجةِ سببٌ في جلبِ الأجرِ والثوابِ إليك.. فهو محسنٌ إليك مِن حيثُ لا تشعر !فعن الفضيلِ بنِ عياضٍ قال : ذكرُوا أنّ رجلًا أتَى رجلًا في حاجةٍ له، فقال : خصصتنِي بحاجتِك؛ جزاكَ اللهُ خيرًا، وشكرَ لهُ !.
وقِيلَ لأبِي عقيلٍ البليغ: كيف رأيتَ مروانَ بنَ الحكمِ عندَ طلبِ الحاجةِ إليه؟ قال: رأيتُ رغبتَهُ في الإنعامِ فوقَ رغبتِهِ في الشكرِ! وحاجتَهُ إلى قضاءِ الحاجةِ أشدَّ مِن حاجةِ صاحبِ الحاجةِ! وإنَّ أصحابَ النجدةِ والمروءةِ لا تسمحُ لهم نفوسُهُم بالتأخرِ أو الترددِ عندَ رؤيةِ ذوِي الحاجاتِ، فيتطوعونَ بإنجازِ وقضاءِ حوائجِهِم طلبًا للأجرِ والثوابِ مِن اللهِ تعالى. وانظرْ إلى الشهمِ الكريمِ نبيِّ اللهِ موسى عليه السلامُ، حين فرَّ هاربًا مِن بطشِ فرعون، وقد أصابَهُ الإعياءُ والتعبُ، فلمَّا وردَ ماءَ مدينَ ووجدَ الناسَ يسقون، وجدَ امرأتين قد تنحيتَا جانبًا تنتظرانِ أنْ يفرغَ الرجالُ حتى تسقيا، فلمَّا عرفَ حاجتهمَا لم ينتظرْ منهما طلبًا، بل تقدمَ بنفسِه وسقَى لهمَا: (وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنْ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمْ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ * فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ)[القصص: 23، 24].وهكذا أصحابُ النجدةِ والمروءةِ يندفعون دفعًا نحو المكرماتِ ومنها إغاثةُ الملهوفين وذوي الحاجاتِ.
أخي المسلم : فليكنْ عونُكَ للمحتاجين وإغاثةُ المكروبين؛ غايتَكَ منه: طلبُ ثوابِ اللهِ تعالى والإحسانُ إلى أخيكَ المسلمِ.. وتفرجُ كربتِه..ولا تجعلْ همَّكَ حبَّ الشهرةِ.. أو طلبَ الشكرِ، وذكرَ الناسِ.. وإذا أقدمتَ على فعلِ المعروفِ بهذه النيةِ رأيتَ الثمراتِ الطيبةَ لإحسانِكَ في الدنيا قبلَ الآخرةِ.. وإذا كان يومُ القيامةِ فمَا أعدَّهُ اللهُ تعالى مِن الثوابِ لأهلِ الإحسانِ أعظم .
فاستَكثِروا أيُّها الأخيارُ مِن فعْلِ الخيراتِ وقضاءِ حوائجِ الناسِ، وسابقُوا إلى عملِ الطاعاتِ، واملأُوا صحائفَكُم بالباقياتِ الصالحاتِ، فالأنفاسُ محسوبةٌ والآجالُ مكتوبةٌ ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ))الحج: 77 فيا هذا نفسُكَ معدودٌ، وعمرُكَ محسوبٌ، فكم أملتَ أملًا، وانقضَي الزمانُ وفاتك، ولا أراكَ تفيقُ حتى تلقَي وفاتَك . فاحذرْ ذللَ قدمِكَ، وخفْ طولَ ندمِك ،واغتنمْ حياتَكَ قبلَ موتِك كما قال المصطفي ﷺ في الحديثِ الذى رواه أحمدُ وغيرُهّ { اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ شَبَابَك قَبْلَ هَرَمِك ، وَصِحَّتَك قَبْلَ سَقَمِك ، وَغِنَاك قَبْلَ فَقْرِك ، وَفَرَاغَك قَبْلَ شُغْلِك ، وَحَيَاتَك قَبْلَ مَوْتِك)
دقاتُ قلبِ المرءِ قائلـــةٌ له *** إنَّ الحياةَ دقـــــائقٌ وثوان
فارفعْ لنفسِكَ قبلِ موتِكَ ذكرَهَا *** فالذكرُ للإنسانِ عمرٌ ثان
فلا قيمةَ للحياةِ بدونِ فعلِ الخيرِ، ولا نجاةَ للعبدِ في الآخرةِ إلّا بفعلِ الخيرِ، ولا راحةَ نفسيةً ولا سعادةَ قلبيةً للعبدِ دونَ فعلهِ الخير، ولا دخولَ للجنةِ دونَ فعلِ الخيرِ، ولا فوزَ برضوانِ اللهِ دونَ فعلِ الخيرِ، ولا نورَ في القلبِ ولا في القبرِ ولا على الصراطِ دونِ فعلِ الخيرِ ….
وليحذرْ صاحبُ المعروفِ مِن المنِّ، فإنَّهُ يفسدُ العملَ، ويوغرُ الصدرَ ويحبطُ الأجرَ، قَالَ جل وعلا ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى﴾ [البقرة: 264]. وفي صحيحِ مسلمٍ مِن حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ رضي اللهُ عنه: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: “ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، وَلَا يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ”. ذَكَرَ مِنْهُمْ: “الْمَنَّانُ الَّذِي لَا يُعْطِي شَيْئًا إِلَّا مَنَّهُ)) وللهِ درُّ الشافعِي رحمَهُ اللهُ:
إِنَّ لِلَّهِ عِباداً فُطَنا***تَرَكوا الدُنيا وَخافوا الفِتَنا
نَظَروا فيها فَلَمّا عَلِموا***أَنَّها لَيسَت لِحَيٍّ وَطَنا
جَعَلوها لُجَّةً وَاِتَّخَذوا****صالِحَ الأَعمالِ فيها سُفُنا
حفظَ اللهُ مصرَ قيادةً وشعبًا مِن كيدِ الكائدين، وحقدِ الحاقدين، ومكرِ الـماكرين، واعتداءِ الـمعتدين، وإرجافِ الـمُرجفين، وخيانةِ الخائنين.
كتبه العبد الفقير إلى عفو ربه د/ محمد حرز إمام بوزارة الأوقاف
_______________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف